فقد قامت هذه الدراسة على اختيار تراکيب متميزة انفردت بها عوامل لفظية وأخرى معنوية، وقد کانت هذه العوامل غير مشتقة من لفظ الفعل ولم تکن من حروفه، بل کانت کلها دون حرف الفعل. لتکون صفوة مختارة من العوامل التي عملت عمل الفعل رغم أنها دون حروفه وقد ترتب في السماع اختصاصها بالدخول على الأسماء کما هو حال الفعل وتأثيرها الرفع والنصب على حد عمل الفعل لهما مما کان يلزم معه استقصاء هذه العوامل وتحليل تراکيبها وإبراز خصائصها التي جعلتها في حالة انفرادة عن غيرها متميزة باستقلالية تنبئ عن إبداع العرب.
وقد اجتهد النحاة في دراسة هذه العوامل من جهة کيفية قيامها بدور الفعل فوجدوا أن بعضها ضمن معنى الفعل فعمل عمله، نحو: إعمال اسم الإشارة النصب في الحال على معنى أشير أو أنبه، وإعمال «إلا» في المستثنى التام على معنى استثنى، وإعمال «حروف النداء» على معنى أنادي أو أدعو، وإعمال «إن» وأخواتها على معنى أأکد أو استدرک أو أترجى أو أتمنى أو أشبه.
والبعض الآخر يعمل على إلحاقه بالفعل في معنى النفي سواء أکان بحمل النظير على النظير نحو إعمال «ما» النافية عمل «ليس» بمشابهة کل منهما الأخرى في النفي أم کان العمل بحمل النقيض على النقيض کما في إعمال «لا» النافية للجنس عمل «إن» وربما بحمل الشبيه على الشبيه کإعمال «لا» النافية عمل «ليس» لأنها أشبهت «ما» العاملة عمل ليس وکذلک إعمال «لات».
وربما کان العمل لأنها أشبهت الفعل في التمام بفاعله فاستحقت بعد التمام أن تنصب ما بعدها کما هو حال المفعول بعد تمام الفعل بفاعله، وقد کان من ذلک «الاسم التام» في باب تمييز المفرد، وما ينتصب عن التمام من کل تمييز بعد الاسم المنون في حال المفرد، أو بعد النون في حال التثنية والجمع من نحو: عشرون، ومنوان، وراقود خلا، وسواء أکان التنوين ظاهر کما مثل أم کان مقدرًا نحو الحزمة المتوسطة من العدد، أي العدد المرکب وکنايات العدد من نحو «کم»، و«کذا» أو حتى کان التنوين ظاهرًا أيضًا کما في «کأين».
وربما کان عمل بعضها يرجع إلى ترددها بين الاسمية، والفعلية، وقد کانت نائبة عن أفعالها في المعنى والدلالة کما في «أسماء الأفعال»، والبعض الآخر يرجع عمله إلى حمله على معنى فعل مقدر کما في «واو» المفعول معه.
ولذلک کان البحث ثري باختلاف العلماء حول الإقرار لهذه العوامل بالعمل بنفسها أم العمل تم بغيرها وما هي إلا واسطة بين العامل والمعمول، وما ظهر من خلال البحث من استشهاد بالسماع والقياس والإجماع لأصول النحو العربي والذي کان من خلاله القول الفصل في رؤية الباحث وسط هذه الظواهر اللفظية الفاعلة، بجانب أخرى لم تکن بلفظية، ولم تکن بمنطوقة باللسان، تتمثل في ظاهرة «الابتداء» و«المخالفة» وهي معاني تصبح في بعض الأساليب أداة فاعلة «للرفع» في الجملة الاسمية، والجملة الظرفية، من مبتدأ وخبر، وفاعله «للنصب» في الظرف کما ظهر عند الکوفيين «بالمخالفة»، مما کان يلزم للباحث من أن يدلو بدلوه وسط هذه الظواهر ورؤية العلماء وإبراز رؤية الباحث.
عبد الفضيل, رباب. (2019). ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل «دون» حروفه دراسة استقصائية تحليلية. مجلة کلية اللغة العربية بإتاى البارود, 32(3), 2615-2886. doi: 10.21608/jlt.2019.64838
MLA
رباب عبد الفضيل. "ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل «دون» حروفه دراسة استقصائية تحليلية", مجلة کلية اللغة العربية بإتاى البارود, 32, 3, 2019, 2615-2886. doi: 10.21608/jlt.2019.64838
HARVARD
عبد الفضيل, رباب. (2019). 'ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل «دون» حروفه دراسة استقصائية تحليلية', مجلة کلية اللغة العربية بإتاى البارود, 32(3), pp. 2615-2886. doi: 10.21608/jlt.2019.64838
VANCOUVER
عبد الفضيل, رباب. ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل «دون» حروفه دراسة استقصائية تحليلية. مجلة کلية اللغة العربية بإتاى البارود, 2019; 32(3): 2615-2886. doi: 10.21608/jlt.2019.64838