أثر الــدلالـة النـحـوية في الـتـفرقة بيـن المسـائل الفقـهيــةمن خلال کتاب (إِيْضَاح الدَّلائِل فِي الفرقِ بَيْنَ المَسَائِل) لـلشيــخ عبد الرحيـــم الحنــبــلـي (ت741هـ)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية اللغة العربية بالمنصورة جامعة الأزهر

المستخلص

الفقه لا غنى له عن النحو ، ولذلک يقول العلامة السيوطي : " ... أما الفقه فاحتياجه إلى النحو ظاهر للمقلد في عدة أبواب کالأقارير ، والطلاق ، والعتق ونحوها ، وللمجتهد في کل باب ؛ لأن النحو من جملة شروط الاجتهاد المطلق ...." ([1])
وقد بلغت الصلة القوية بين النحو والفقه أن ألف الإمام محمد بن الحسن الشيباني کتاباً في الفقه بناه على علم النحو وسماه بـ ( کتاب الإيمان ) بحيث   لا تتضح مسائله  إلا لمن له قدم راسخ في هذا العلم . ([2])
ولذلک فإن لعلم النحو قيمة عالية ، فبحرکة واحدة قد يُغير الحق إلى باطل وبالعکس ، وقد أورد ابن فارس في رسالته ( فتيا فَقِيه الْعَرَب ) إذ يقول : سمعت أبا بکر محمد بن الحسين الفقيه يقول : ادّعى رجل مالاً بحضرة القاضي أبي عبيد بن حربويه ، فقال المُدعى عليه : مالُه علي حق - بضم اللام –  فقال أبو عبيد : أتعرف الإعراب ؟ قال : نعم ، فقال : قُم قد ألزمتک المال . ([3])
کما أن ابن فارس أيضاً عقد باباً في کتابه ( الصاحبي ) وعنونه بـقوله : ( باب القول فِي الاحتجاج باللغة العربية ) قال فيه : " ... إنّ علم اللغة کالواجب عَلَى
أهل العلم ؛ لئلاَّ يحيدوا فِي تأليفهم أَوْ فتياهم عن سَنن الاستواء" . ([4])
ولهذه القيمة العالية لعلم النحو أهمية کبيرة في التفرقة بين المسائل الفقهية ، ومن ذلک  ما يلي : إذا قال الرجل لزوجته : أنت طالق إنْ دخلت الدار بکسر الهمزة ، فدخلت بعد اليمين طلقت ، ولو قال بفتح الهمزة ، أي (أنْ) فدخلت بعده لم تطلق ، وإن کان قبله طلقت .
والفرق أنَّ (إنْ) في الأولى شرطية ، والشرط للمستقبل ، فيعمل به دون الماضي ، بخلاف المفتوحة ، فإنها للماضي ، ومعناه : التعليل، فکأنه قال : أنت طالق لدخولک . قلت : وهذا إن کان يَعرف العربية وإلا کان حکم المفتوحة حکم المکسورة . ([5])
  وقد وجدت هذا الأمر واضحاً في کتاب الشيخ عبد الرحيم الحنبلي المسمى بـ  ( إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل ) ، ولذا آثرت دراسة هذا الأثر النحوي في التفرقة بين المسائل الفقهية ، فکان هذا الموضوع .
وقد قسمت البحث إلى مقدمة ، وتمهيد ، ومبحثين ، وخاتمة ، وفهرس للمصادر والمراجع والموضوعات .
أما المقدمة : فقد ذکرت فيها دوافع البحث وأهميته ، والخطة التي سرت عليها فيه .
وأما التمهيد : ففيه مطلبان: الأول: الشيخ عبد الرحيم الحنبلي حياته وآثاره .      والمطلب الثاني : العلاقات البينية بين النحو والفقه وأثر ذلک على الأحکام الفقهية .
وأما المبحث الأول : فهو بعنوان : أثر دلالة المفردات والأدوات في التفرقة بين
المسائل الفقهية .
وأما المبحث الثاني: فهو بعنوان : أثر الاختلاف الإعرابي في التفرقة بين المسائل الفقهية .
هذا وقد رتبت المسائل المدروسة في المبحثين ترتيباً أبجدياً .
وقد قمت بدراسة المسائل الفقهية في هذين المبحثين من کتاب (إيضاح الدلائل) للشيخ / عبد الرحيم الحنبلي والتي ترتب فيها اختلاف في الحکم شرعي تبعاً لاختلاف دلالة الأدوات النحوية ، أو الإعراب النحوي ([6]) ، وذلک بعرض نص الشيخ الحنبلي ثم ذکر رأي النحاة في الأدوات النحوية والفرق بينها وما فيها من خلاف ، ثم عرضت بعض النصوص الفقهية التي تدلل على هذا التفريق الفقهي تبعا لدلالة الأدوات النحوية .
  ثم ذيلت البحث بالخاتمة وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها ، ثم فهرس المصادر والمراجع ، والموضوعات .
وفي الختام أدعو الله عز وجل أن أکون قد وفقت في إظهار أثر بعض الدلالات النحوية ، والأعاريب المختلفة في التفرقة بين المسائل الفقهية .



([1]) انظر: المطالع السعيدة 1/76   


([2]) انظر: شرح المفصل لابن يعيش 1/14     


([3]) انظر: طبقات الشافعية الکبرى لتاج الدين السبکي 3/455


([4]) انظر: الصاحبي صـ 34 ، 35  


([5]) انظر: طبقات النحويين واللغويين لأبي بکر محمد بن الحسن الزُبيدي صـ127 ، وراجع : إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل للشيخ / عبد الرحيم الحنبلي  صـ 505   


([6]) أصل فکرة البحث شارکت بها في مؤتمر کلية العلوم الشرعية بسلطنة عُمان وکان عنوان المؤتمر :    ( العلوم الشرعية  تحديات الواقع ، وآفاق المستقبل ) ، لکن لما کانت طبيعة بحوث المؤتمرات صغيرة وسعت الفکرة وکبرتها ثم قدمته لينشر في مجلة کلية اللغة العربية بإيتاي البارود .

الكلمات الرئيسية