بلاغة الفطرة العربية في تغزل طرفة بن العبد

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية اللغة العربية بالقاهرة

المستخلص

مکن الشاعر العربي في العصر الجاهلي من لغته تمکنا فطريا مطبوعا لا صنعة فيه، کتمکنه من طعامه وشرابه وحاجات حياته کلها، إلا أنه صقل لغته ليعبر بها عن نفسه وقومه، وأفراحه واحزانه، وعواطفه، ومفاخر قومه، وانتصاراتهم وهزائمهم، وأيامهم، ومعاناتهم وأشواقهم وحرمانهم، ومقاساتهم صعوبات الحياة، وکانوا يتفننون في ذلک بطرق وألوان شتى.
     وشاعرنا طرفة بن العبد وضع آلامه ومعاناته في أبيات ذکر فيها صاحبته، وبکى أطلالها، الى درجة أن أشفق عليه رفاقه، وشارکوه الوقوف والمواساة لما ظهر لهم من حاله وهو قد فقد صاحبته أو فقد آماله في الحياة التي حرمها و ما بقي منها غير أطلالها، وقد ذهبت الرياح بديارها، و ما هذه الرياح إلا أحداث الدهر التي تضافرت عليه حتى بددت أحلامه، وحولتها أوهاما ورسوما لا طائل تحتها مما جعله يلجأ إلى ناقته ينسى بها همومه، ويقطع بها رحلاته إذ ربما يظفر بما يريد.
     و قد عبر عن غرضه هذا بلغة بليغة بلاغة عربية فطرية بالغة الدقة في اختيار ألفاظه وبناء تراکيبه، وتوخي معاني النحو في نظمه وإبداع ورصف صوره البيانية واختيار محسناته البديعية مما جعل أبيات غزله صورة صادقة ودقيقة لحياته وخصائص نفسه بکل انفعالاتها ودوافعها ومعاناتها وخصوصيات حياته التي أمست "کباقي الوشم في ظاهر اليد".

الكلمات الرئيسية